محمد البهنساوي يكتب: المشروع القومي للوعي السياحي بين الحلم والنيران الصديقة !!

الكاتب الصحفي محمد البهنساوي
الكاتب الصحفي محمد البهنساوي

تحدثنا في المقال السابق عن أهمية أن يتحول الوعي السياحي في مصر إلي مشروع قومي تشارك فيه الدولة بكل أركانها وهيئاتها الحكومية والأهلية والدينية والإعلامية والشعبوية ، وكما هو متوقع فقد نال هذا الطرح إجماعا من كافة الأطياف سواء سياحية أو غير سياحية ، فقد كان هناك تفهما تاما لأهمية نشر الوعي السياحي ليس لانعكاسه المتوقع علي النمو السياحي إنما بالأساس على صورة مصر والمصريين أمام العالم وظهورهم بشكلٍ متحضر يلائم حضارتها الضاربة في أعماق التاريخ.

وكما أشارت العديد من التعليقات على المقال من أن هذه القضية لا يحب السكوت أو التوقف عند ما تم كتابته وطرحه حولها إنما الاستمرار في الطرح وإظهار الآراء المختلفة حتى يتحول الحلم إلى واقع ويصبح الوعي السياحي المشروع القومي والوطني القادم بمصر

وبنظرة عامة على الكثير من الأراء والتعليقات التي وصلتنا نتوقف عند أهم ما تم إثارته خلالها وفي مقدمتها ان مسألة الوعي مسئولية كافة مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية والاعلامية والسينمائية والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس وصولا لمستوى الأسرة نفسها

ومن أهم النقاط على الإطلاق تلك التي شرحت الأهمية القصوى لرفع درجة الوعي السياحي والتي تتطلب رصد ميزانية قوية للإنفاق عليها ، وأكدت تلك الآراء أن الإنفاق على تنمية الوعي السياحي أهم بكثير من الاتفاق على حملات التسويق والترويج والتنشيط السياحي،

واستندت تلك الآراء - وهي محقة في ذلك تماما - من أنه مهما أنفقت على حملات الترويج والدعاية وأثمرت تدفقا سياحيا علي مصر ، وبدون حسن معاملة واستضافة هؤلاء السائحين سيعودون إلى بلادهم بانطباع سيئ ينشر صورة ذهنية سلبية عن مصر وشعبها فيتراجع المردود وتقل نسب النمو بل وتحقق مردودا عكسيا ، والعكس تماما لو كان هناك وعي سياحي كبير لدي المصريين يدفعهم جميعا إلى حسن معاملة السائح ، وقتها سيتحول السائحون إلى سفراء لمصر وللسياحة المصرية في دولهم وهنا سيتحقق مردود دعائي وتسويقي مجاني يعادل ملايين الدولارات وبمصداقية اكبر بكثير من أية حملات دعاية وتنشيط مهما تكلفت.

ولقد اقترحت تلك الآراء أن يتم التركيز في الإنفاق الفترة المقبلة على التوعية السياحية شريطة أن تكون هناك خطة لتحويلها إلى مشروع قومي لمصر وقتها سيكون مردود هذا الإنفاق عظيم وعائداته أضعاف مضاعفة لما يتم إنفاقه.

كما شددت الكثير من الآراء علي أهمية التعليم السياحي والاهتمام بالنشئ والتدريس في مختلف المراحل التعليمية ولكن هذا لإعداد أجيال للمستقبل تعي أهمية صناعة السياحة وليس معناه أبدا أن نهمل توعية الجيل الحالي بكل طوائفه ومستوياته بكل السبل المتاحة وفي مقدمتهم كل الفئات التي تتعامل بشكل مباشر مع السائحين خاصة العاملين بالمشروعات السياحية بكفالة مكوناتها.

ولقد عولت بعض الآراء كثيرا علي الحوار الوطني الحالي بمصر خاصة بعد تخصيص إحدى لجانه للسياحة والتي يجب عليها كما قالت تلك الآراء أن تضع رفع الوعي السياحي في مقدمة أولوياتها

وحول ما تم تنفيذه من حملات توعية سياحية في السابق اتفقت عدة أراء مع ما أشرت إليه من أن الاكتفاء بإسناد هذا الدور إلى قطاع السياحة ممثلا في وزارة السياحة والآثار وهيئة التنشيط، أجده إهدارا للوقت والمال، فتلك الحملات لا طائل من ورائها إذا لم تصبح جزء من حملة قومية كبرى لرفع الوعي السياحي وتحويل مصر إلى بلد سياحي حقيقي يدرك أهمية تلك الصناعة ويحسن معاملة ضيوفه.

ومن هنا لن نتوقف عند الإرهاصات التي تقوم بها الوزارة حاليا لأن الأمر أكبر من ذلك بكثير وأجل من تقوم برحلة هنا أو زيارة هناك، وطالما تحدثنا عن دور الوزارة والقطات أتوقف فقط بالسؤال عن ترتيب قضية الوعي السياحي في الأولويات الاستراتيجية الوطنية للسياحة التي يتم وضعها حاليا بين الحكومة والقطاع الخاص والإجابة ستحدد إدارك القطاع لأهمية تلك القضية المحورية، وأخشي عندما نعلم هذا الترتيب أن يموت الأمل في تحقيق الوعي السياحي بنيران صديقة !!